الصحابي جابان أبو ميمون
صحابي كوردي عاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة، ويعتبر رمزا لدخول الكورد المبكر في الاسلام حتى قبل الفتح الإسلامي للعراق ومناطق الكورد في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب.
لم تتوفر عن الصحابي جابان الكوردي معلومات كثيرة، وهو عرف باسم أبي ميمون نسبة لابنه ميمون الكوردي الذي نقل الحديث وروى بعضه عن أبيه الذي سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ورد ذكر جابان الكوردي في بعض المصادر الإسلامية مثل (أسد الغابة في معرفة الصحابة) لابن الأثير وفي (الإصابة في تمييز الصحابة) لابن حجر العسقلاني.
صلاح الدين الأيوبي
أحد أهم الشخصيات في التاريخ الإسلامي، يذكر له المسلمون قيادته حملة تحرير بيت المقدس من احتلال الصليبيين في القرن الثاني عشر الميلادي، وكذلك العديد من الإنجازات والإصلاحات السياسية والعمرانية في كل من مصر وبلاد الشام.
صلاح الدين يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان، كوردي مسلم ولد في تكريت بالعراق سنة 1138م، وتعود جذوره إلى منطقة حرير شمال غرب أربيل، سافر مع والده وعمه إلى الموصل ليدخلوا في خدمة صاحبها عماد الدين زنكي، ثم أخيه نور الدين .
شارك مع عمه أسد الدين شيركوه الذي قاد جيش نور الدين زنكي في حملته إلى مصر لنجدة العاضد الفاطمي ضد خصومه، وهناك تولى الوزارة وقيادة الجيش ولقب بالملك الناصر، ثم أنهى حكم الفاطميين وأصبح صاحب السلطة في مصر واستقل بها.
بعد وفاة نور الدين زنكي شهدت الشام اضطرابات دعي صلاح الدين إلى ضبطها، فقام هناك بتهدئة الأوضاع وتوحيد البلدان حولها وبدأ إصلاحات فيها وكذلك في مصر التي بنى قلعتها الشهيرة والعديد من المدارس والمستشفيات، وتتابعت إنجازاته حتى دانت له البلاد وأصبحت دولته الأيوبية تمتد من النوبة في أقصى جنوب مصر إلى بلاد الأرمن شمالا والجزيرة والموصل شرقا، وحينها بدأ يكرس جهده لمواجهة حملات الصليبيين وغاراتهم.
غادر صلاح الدين مصر آخر مرة سنة 1182م متوجها إلى الشام لمواجهة الصليبيين بنفسه، ودخل معهم في معارك عديدة حتى جاءت المعركة الحاسمة في حطين سنة 1187م التي كسرت شوكة الصليبيين وفتحت أمام جيوش صلاح الدين الطريق لتحرير القدس في نفس العام وقبلها استرداد طبرية وعكا ويافا إلى ما بعد بيروت.
عرفت عن صلاح الدين مزايا عديدة وضعته في مكانه من التاريخ الإسلامي، فقد كان حاكما عادلا يجلس للقضاء بنفسه ولا يحكم بالشبهة وقد بلغ عدله جنود أعدائه الصليبيين من الأسرى الذين أمر بمعاملتهم برفق في الوقت الذي كان فيه الصليبيون يقتلون أسرى المسلمين.
تمكن صلاح الدين من توحيد شتات المسلمين بعد تفرقهم في دويلات متناحرة هيأت للصليبيين السيطرة على أراضيهم ومنها بيت المقدس سنين طويلة، وكان رجل سياسة وحرب بعيد النظر، كما أنه عرف بعطائه وإنفاقه في سبيل الله حتى إنه لم يدخر لنفسه مالا ولا عقارا، وكان يهتم بإصلاح الشؤون العامة من عمران ومجالس علم وحلقات أدب. وكان فقيها درس الفقه الشافعي والحديث والعقيدة وتعلم على يد كبار فقهاء ومحدثي عصره مثل قطب الدين النيسابوري وأبي طاهر السلفي وأبي الطاهر بن عوف وعبد الله بن بري النحوي وغيرهم.
توفي بدمشق سنة 1193م وكان عمره سبعة وخمسين عاما، وتفرقت دولته بعده بين أولاده.
ابن خلكان
قاض ومؤرخ وأديب كوردي مسلم ولد عام 608هـ-1211م في أربيل بالعراق، وتتلمذ على يد كبار الفقهاء مثل المؤيد الطوسي وتفقه بالموصل على يد الكمال بن يونس وبالشام على يد ابن شداد، ولقي كبار العلماء وبرع في الفضائل والآداب.
كان ابن خلكان عالما وإماما فقيها، وقضى معظم حياته في مصر والشام، واشتغل بالقضاء في مصر ودمشق التي أصبح قاضي قضاتها، وتوفي فيها عام 681هـ - 1282م.
اشتهر ابن خلكان بمؤلفه الشهير وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان، الذي يتناول التراجم الشخصية للشخصيات العربية والإسلامية البارزة منذ العصر الجاهلي حتى عام 654هـ، ويحتوي على سير لـ (826) شخصية، ويعتبر هذا الكتاب مرجعا أساسيا لدراسة التاريخ العربي والإسلامي وقد ترجم إلى العديد من اللغات.
ابن تيمية
عالم ومصلح وفقيه حنبلي اسمه أبو العباس تقي الدين أحمد بن عبد الحليم. ولد لأبوين كورديين في حران عام 1263م، تعلم القرآن الكريم واللغة العربية صغيرا. وانتقل مع أهله وعمره سبع سنين إلى دمشق إثر زحف المغول نحو بلده. تعلم في دمشق على يد أكثر من مائتي شيخ حتى وصفه بعض معاصريه بأنه ما تحدث في المسألة من العلم إلا وقال مستمعه إنه لا يعرف في العلم سواها من شدة ما يفصل فيها.
كان عصر ابن تيمية مليئا بالجدل الفكري والتغييرات السياسية، فقد اجتاح التتار بغداد قبل مولده ببضعة أعوام واحتلوا بعدها دمشق.
شرع ابن تيمية في التأليف والتدريس بالشام ومصر، فألف كما يقول أبو المحاسن بن تغري بردي أكثر من خمسمائة مجلد وصلنا منها حتى الآن أقل من مائة مجلد، وكتب في نقد الفلسفة وعلم الكلام والتصوف، وجدد في الآراء الفقهية فقال باحتساب طلاق الثلاثة طلقة واحدة في المجلس الواحد.
وكتب رسالة الحسبة بين فيها آراءه وأفكاره في الإصلاح الاجتماعي، وخاض بنفسه عمليات الحسبة فكان يدخل محال بيع الخمر بين المسلمين فيأمر بإغلاقها، وهاجم بيوت البغاء في مصر والشام، وألف رسالة في فضل العرب، وقال بوجوب العربية إذ كان حكام المسلمين من غير العرب كالأيوبيين قد انتشرت بينهم العجمة.
وكتب ابن تيمية رسالة القتال، فبين فيها أن حكم رد الصائل فرض عين ولو كان مسلما، حيث كان المغول في عهده قد دخلوا الإسلام مع البقاء على ما هم فيه من بطش وفساد كما فعل السلطان غازان. وقال في رسالته تلك إن حكم دفع المغول فرض عين باعتباره جهاد دفع وليس جهاد طلب.
وألف في مصر الرد على المنطقيين وفيه قدم نقدا للمنطق الأرسطي، وانتقد أيضا فلاسفة الإسلام من أمثال الفارابي وابن سينا وابن سبعين. ويُعد كتاب منهاج السُنة الذي ألفه فيما بين عامي 1316 و 1320م من أهم كتبه، وكان ردا على كتاب منهاج الكرامة للحلي تلميذ نصر الدين الطوسي.
تعرض ابن تيمية للسجن في مصر ورأى ما فيها من عذاب، فطلب من السلطان بن قلاوون إصلاحها، كما وضع للسلطان كتابا حول السياسة الشرعية بين فيه دور الحاكم وواجباته.
حرض الناس على الجهاد دفاعا عن دمشق من المغول، وسافر إلى مصر لحث ابن قلاوون على القتال، وكذلك فعل مع أمير العرب مهنا بن عيسى الطائي. ولما دارت المعركة في شقحب أو مرج الصفر جنوبي دمشق كان ابن تيمية قد حشد لها قوة كبيرة هيأت للمسلمين النصر، وفي تلك المعركة التي وقعت خلال رمضان أفتى ابن تيمية بالإفطار للجند وأنه خير من الصيام.
لم يشفع لابن تيمية ما قدم، فقد استدعاه ابن قلاوون إلى مصر بعد أن وشى به بعض الفقهاء والمتصوفة والمتكلمين ورموه بتهم التجسيم والتشبيه وانتقاص قدر النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأقوال أخرى حول عدم جواز الاستغاثة بالرسول الكريم أو بالأولياء، وحاول ابن تيمية أن يرد في مجلس السلطان بأن الاستغاثة لا تكون إلا بالله لكن الحكم كان قد صدر فحبس ثم أخرج ثم حبس ثم عاد إلى دمشق.
اتهم ابن تيمية مرة أخرى في دمشق بنفس التهم، وحبس في سجن القلعة حتى مات في سجنه عام 1328م.