بدايات الشعر الكوردي
لقد تأخر ظهور الشعر الكوردي بعد الأسلام ولم تظهر طلائعه إلا في القرن العاشر الهجري لأسباب ثلاثة ...
وهذه الأسباب هي ...
1_ دخول معظم الاكراد في الدين الاسلامي وأنتشار العربية في أوساط المثقغين الأكراد مما أدى إلى أهمال اللغة الكوردية حتى أن شعراء الدولة الدوستكية الكردية مدحوا حكام هذه الدولة بقائد مكتوبة باللغة العربية .
2_ عدم أفساح المجال للشعر والادب بسبب وجود الصراعات السياسية والقبلية بين الأكراد أنفسهم .
3_ عدم تشجيع الحكام الأكراد للغة الكوردية والكتابة بها ويدل على هذا الشاعر العظيم أحمد خاني في ملحمته (مم وزين ) من أن حاكم الجزيرة لا يلقي بالاً لشعره وأدبه .
وقد أقترن ظهور الشعر الكردي بحدوث نوع من الأستقرار السياسي على الساحة الكردية فبعد معركة جالديران الشهيرة عام 1514 بين قوات السلطان سليم الاول سلطان العثمانيين وقوات الشاه أسماعيل الصفوي قام الشيخ
أدريس البدليسي بتوحيد القبائل الكوردية وكلها تقريباً تتحدث باللهجة الكرمانجية ..وأصبحت تلك القبائل منضوية
تحت لواء الأمبراطوريةالعثمانية مما أدى إلى ظهور نهضة شعرية تزعمها كل من علي حريري وملاي جزري وفقيه طيران ويعتبر العصر الذي عاش فيه هؤلاء الثلاثة بالإضافة إلى عصر الخاني العصر الذهبي للشعر المكتوب باللهجة الكرمانجية .
لقد تأثر الشعر الكوردي في بداياتهِ تأثراً بالغاً بالشعر والثقافة الفارسية .واستندت النهضة الشعرية الكوردية بالأساس
على التراث الشعري الضخم الذي ساهم في تكوينه شعراء فرس عظام كالفردوسي وحافظ وجامي وغيرهم ...
وأن هذا الـتأثر يبدو جلياً من خلال القصائد القديمة لحريري وجزري وفقيه طيران فقصائدهؤلاء مطعمة بالألفاظ والتعابير الفارسية .. ويبدو تأثيرالثقافة الفارسية واضحاً من خلال الأشارة إلى الشعراء الفرس وإلى القصص الورادة في الأدب الفارسي وغير ذلك من البراهين والأدلة التي تؤكد أعتماد الأكراد في نهضتهم الشعرية على الفرس
وآدابهم حتى أن الشاعر القومي العظيم أحمد خاني الذي طالب في شعره بالأستقلال عن الأمبراطورية العثمانية لم ينتج من هذا التأثير واكثر من التعابير الفارسية بحيث بات لزاماً على دارس شعره أن يكون ملماً باللغة الفارسية .
لقد مهد الشعر الكلاسيكي الكوردي السبيل أمام ظهور شعر أكثر نقاء وحيوية فيما بعد ومع أن مواضيع الشعر الكلاسيكي الذي مثله حريري وجزري وفقيه طيران اقتصرت على الغزل والغزل الصوفي فإنه مهد السبيل لظهور شعر
مختلف عنه شعر يرتبط بالحياة الواقعية أكثر فأكثر هذا النوع من الشعر الواقعي مثله الخاني في مقدمته الشعرية العبقرية لملحمة ( مم وزين ) .
وهكذا اتخذ الشعر له أتجاهين منذ نشأته :
1_ اتجاه صوفي غزلي يكرر ما قاله السابقون ومثله كما قلنا الجزري وفقيه طيران وحريري .
2_ اتجاه واقعي يبحث في القضايا الهامة للشعب الكوردي بكامله ومثله الخاني .
أما الشعر المكتوب باللهجة السورانية فلم يظهر إلا بعد ثلاثة قرون من ظهور الشعر المكتوب بالكرمانجية
وذلك على يد الشاعر الكبير (نالي ).
ويعود سبب ذلك كما يقول عبد الرقيب يوسف في كتابه ( الديوان الكرمانجي) إلى أن القبائل السورانية لم تشهد
ذلك الأستقرار في الحياة العامة الذي شهدته القبائل الكرمانجية .
هذه البدايات عن الشعر الكوردي (بقلم الأستاذ والباحث جان دوست )
ودمتم بكل خير .
للمزيد من مواضيعي